يُنسب هذا المرض إلى مكتشفه الجراح البريطاني ( تشارلز بل ) الذي شرح وظائف أعصاب الوجه عام 1829م، حيث درس و وصف و اكتشف هذه الاصابة وعلاقتها بالعصب السابع “العصب الوجهي” وذلك في القرن التاسع عشر من الميلاد. و هو عبارة عن حالة شلل أو ضعف يصيب نصف الوجه و يعرف باسم شلل بيل أو اللقوة أو شلل العصب الوجهي و عادةً يكون مؤقت، و يحدث تحسن في معظم الحالات خلال شهر من الإصابة. كما تحدث الاصابة به فجأة، وتشفى اغلب الحالات أي ما يقارب 75% الى 85% خلال الاسابيع الثلاث الاولى من الإصابة.
و غالباً يصاب بالمرض الأشخاص فوق سن الأربعين و لكن قد يصاب به الأشخاص في جميع الأعمار بما فيهم الأطفال، و يصاب به الرجال والنساء بصورة متساوية إلا أنه قد تزداد نسبة الإصابة به في النساء الحوامل و تتفاقم إصابته مع مرضى السكري. كما أنه يمكن أن يصيب الجهتين و تزيد نسبته في فصل الشتاء.
فهرس المقال
أنواع الإصابات باللقوة
تقسم الى ثلاث انواع :
- الإصابة المعتدلة أو البسيطة: تؤدي إلى مايسمى بالشلل المؤقت للعصب“neuropraxia” و هذه الإصابة هي الشائعة و يكون العصب سليم و لكن سرعة توصيله تكون بطيئة مقارنة بالطبيعي و تشفى سريعاً.
- النوع الثاني هي الاصابة المتوسطة: قد تؤدي إلى قطع تدفق بلازما المحور في العصب و بالتالي قطع المحور العصبي حيث يحدث تدهور وانتكاس للعصب من 2-3 أسابيع، و يحدث الشفاء التام خلال شهرين.
- النوع الثالث و هي الاصابة الخطيرة: قطع العصب الوجهي “neurotmesis”و يحدث التدهور و الانتكاس خلال مدة قصيرة من 3-5 أيام، و فيه يحدث النمو للعصب ببطء شديد حيث يتراوح نمو العصب من 2 الى 3 ملم باليوم و الشفاء يتطلب وقتاً طويلاً ،و ربما ينتهي الأمر بالمريض بما يسمى التزامن أو الالتحام “synkinesis” و هو عباره عن فشل العصب الوجهي في الشفاء فتحدث أن تنمو ألياف عصبية جديدة بعد حدوث الشلل خلف العصب تتصل بطريقة خاطئة بعضلات الوجه و هذا يعتبر ضرر أو إعاقة دائمة.
تطور الحالة المرضية
يعتبر حدوث تحسن في الحالة بشكل جيد في وقت مبكر من الإصابة مؤشر على إمكانية حدوث تحسن كامل بشكل أسرع و تعتبر عودة حاسة الذوق من أولى علامات التحسن في الغالب.
و في حالات نادرة قد يحدث بعد الإصابة بالشلل نمو ألياف عصبية جديدة من تفرعات العصب السابع المغذي للوجه فترتبط هذه التفرعات مع عضلات الوجه الخاطئة مما ينتج عنها ضرر دائم مسبباً عطل أو أكثر متمثلاً فيما يلي:
- وميض في العين عند الابتسام.
- حركة لا إرادية في زاوية الفم عند إغلاق العينين.
- ارتعاش في الوجه.
- تشنج الوجه.
- سيلان الدموع عند خروج اللعاب.
أسباب الإصابة باللقوة
السبب الحقيقي لهذا المرض غير معروف، إلا أنه يعتقد بأن سببه إصابة عصب الحركة الرئيسي (العصب السابع) بأحد جانبي الوجه بتورم و ذلك نتيجة التعرض المفاجئ لجو بارد، كما قد يحدث التورم هذا نتيجة العامل النفسي أو نتيجة تعرض العصب للإصابة الفيروسية.
حيث أن هذا العصب محاط بقناة عظمية، فعند حدوث التورم يضغط العصب المتورم على تلك القناة ينتج عنه عدم أداء العصب لوظائفه بصورة سليمة.
أسباب أخرى لشلل العصب الوجهي و هي الضغط على العصب السابع المغذي للوجه عن طريق الأورام على سبيل المثال:
- التهابات بكتيرية.
- حالات نقص المناعة.
- جروح الوجه و الإصابات المباشرة للعصب السابع كما هو الحال في حوادث السيارات.
- الأمراض التي تصيب جهاز المناعة في الإنسان.
- الجلطة الدماغية.
أعراض اللقوة
الأعراض التي تنتج عن اللقوة عادة ما تكون سريعة و مفاجئة فقد يشعر المصاب بألم في المنطقة المحيطة بالإذن، و في بعض الأحيان قد تبدأ هذه الأعراض تدريجياً.
و تتمثل الأعراض الأساسية لهذا المرض بشلل أو ضعف في أحد جانبي الوجه مع تدلي وارتخاء في الجبين وحاجب العين مع صعوبة في إقفال العين، وهناك أعراض أخرى محتملة مثل:
- فقد الإحساس في الجهة المصابة من الوجه.
- الشعور بجفاف الفم.
- الصعوبة في النطق.
- فقدان حاسة التذوق في الجزء الأمامي للسان بشكل جزئي أو كلي.
- حدوث جفاف يصاحبه دموع في بعض الحالات في العين المصابة مع هبوط جفن العين السفلي للخارج.
- نزول زاوية الفم في الجهة المصابة مما يؤدي إلى صعوبة إقفال الفم بالكامل وبالتالي تدفق تدريجي للسوائل عند الشرب من الجهة المصابة للفم.
التشخيص والعلاج
عادة ما يكتشف الأطباء اللقوة من خلال فحص وجه المريض والسماع لما يقوله من أعراض، وإذا كان هناك نوع من الشك في التشخيص يلجأ الأطباء إلى التخطيط العضلي الكهربائي الذي يعرف باسم EMG و قد يستخدم الأطباء الأشعة السينية X-ray أو الرنين المغناطيسي MRI و ذلك للتأكد من عدم وجود سبب آخر لشلل الوجه النصفي.
يمكن ان نقسم العلاج التأهيلي للقوة الوجه إلى مايلي:
- الإجراءات الوقائية بعد الإصابة.
- العلاج بالأدوية.
- العلاج الطبيعي.
- العلاج الجراحي.
1- الإجراءات الوقائية بعد الإصابة باللقوة:
ينصح عادة باتخاذ بعض الإجراءات الوقائية بعد الإصابة مثل :
- استعمال القطرات العينية المرطبة لمنع جفاف قرنية العين وبالتالي حمايتها من التقرح ومرهم ليلاً أو استعمال جهاز الرطوبة بالغرفة للحفاظ على القرنية ليلاً رطبة.
- لبس رقعة أو تغطية العين و استعمال النظارات السمشية.
- الابتعاد عن ضوء الشمس و التلفاز.
- مضغ العلكة باستمرار لتنشيط العضلات و الأعصاب.
2- العلاج بالأدوية:
حيث تشمل المعالجة الدوائية ما يلي:
- الكورتيزون .
- مضادات الفيروسات .
- استعمال الباراسيتامول مثل البانادول.
- الفيتامينات.
3- العلاج الطبيعي:
يلعب العلاج الطبيعي دوراً هاماً في علاج حالات اللقوة، فقد يبدأ عادة مع بداية تشخيص المرض حيث يقوم طبيب العلاج الطبيعي بتقييم الحالة المرضية ووضع الخطة العلاجية المناسبة لها.
– الكمادات الساخنة:
فقد يبدأ العلاج بوضع الكمادات الساخنة على الجزء المصاب من الوجه أو استخدام الأجهزة الأخرى والتي قد تعطي نفس النتائج مثل استخدام الأشعة تحت الحمراء، و لكن يجب الحذر من عدم حدوث حروق للعين وذلك بتغطية العين أثناء التعرض للأشعة الحرارية.
– تمارين الوجه:
بحيث يتم تمرين كل عضلة أو مجموعة من عضلات الوجه مع مراعاة عدم إجهادها فعلى سبيل المثال يتم تمرين كل عضلة لمدة عشر مرات، مع تكرار ذلك كلما أمكن (كل أربع ساعات مثلاً).
1- شد جسر الأنف:
- ارفع حاجبيك للأعلى معاً قدر المستطاع.
- شد جسر الأنف عن طريق رفع الشفة العليا و اتساع فتحات الأنف والعبوس.
- أغلق العينين معاً قدر المستطاع.
2- وضع العبوس:
انزل الحاجبين للأسفل معاً قدر المستطاع.
3- وضع الابتسامة:
- شد الفم باستخدام الشفتين بأوسع قدر ممكن من غير إظهار الأسنان.
- اغمز بشدة بكل عين مفصولتين و استخدام عضلات الخد لتساعد على إغلاق العين.
- انفخ الهواء في الخدين مع إبقاء الفم مغلق لمنع الهواء من الخروج و لكن ليس تمريناً أساسياً للعضلة و إنما قد يفيد في تقليل تيبس العضلة.
فيديو يوضح التمارين المهمة لعلاج اللقوة
https://youtu.be/4K1e-Yy0TZA?si=MEMAekSwW7UGUEPd
4- تدليك عضلات الوجه:
يتم تدليك عضلات الوجه بحركة نصف دائرية ابتداءً من ذقن الجهة المصابة باتجاه الأعلى إلى الجبهة من نفس الجهة بإحدى اليدين، و اليد الأخرى تقوم بعكس اتجاه الحركة في النصف السليم من الوجه ابتداءً من جبهة الجهة السليمة إلى الذقن من نفس الجهة.
فيديو يوضح طريقة التدليك لعضلات الوجه في حال الإصابة باللقوة
https://youtu.be/U541g4c5sLg?si=52h38gYNJnu0DGGI
5- التنبيه الكهربائي:
يستخدم أخصائي العلاج الطبيعي جهاز التنبيه الكهربائي لتحفيز الأعصاب المغذية لعضلات الوجه للجهة المصابة.
– إرشادات عامة تعطى للمريض عند الإصابة باللقوة :
- الابتعاد عن المضايقات و الضغوط النفسية.
- تغطية الأذن جيداً و عدم التعرض للهواء البارد.
- وضع قطن أو (سدادة) للأذن عند الاستحمام إلى فترة ما بعد الاستحمام للتأكد من عدم وصول الماء أو الهواء إلى داخل الأذن.
- إبقاء العين المصابة مغطاة ( بشاش ) أو لبس نظارة عند الخروج و ذلك للحفاظ عليها من دخول الغبار أو الجراثيم.
- عدم محاولة فتح الفك ( فتح الفم ) إلى آخر مدى الحركة لأن ذلك يضغط على العصب السابع المغذي لعضلات الوجه و بالتالي يزيد من إجهادها.
- التأكد من عدم تناول الأطعمة أو السوائل الساخنة جداً، حيث أنه تأثر حاسة الإحساس و الذوق قد تؤدي إلى حدوث حروق لا يشعر بها المصاب بشكل مباشر وسريع.
- متابعة الخطة العلاجية الموصوفة عن طريق طبيب العلاج الطبيعي.
قد يستمر المريض بالتردد على أخصائي العلاج الطبيعي مدة قد تصل إلى شهر في حالات الإصابة المتوسطة أما الإصابات الحادة قد تتطلب وقتاً وجهداً اكثر.
4- العلاج الجراحي :
بما أن معظم المرضى يشفون تلقائياً بشكل جيد فلذلك تعتبر الجراحة الحل البعيد و الأخير للحالات الشديدة و يجب اللجوء إلى الجراحة في:
- الحالات التي لايكون فيها أي إشارات عودة وظيفية خلال 2-3 أشهر.
- الحالات التي لايحصل فيها التحسن الذاتي الكامل.
- حالات الشلل المتكررة.
و من أحد الطرق الجراحية هي إزالة الانضغاط عن العصب الوجهي عند مروره بالقناة العظمية مع احتمال أن يصاب العصب الوجهي بأذية أكبر نتيجة خطأ ما أثناء العملية.
كذلك أيضاً في الحالات التي لايحصل فيها أي تحسن خلال سنة أو كان هناك تحسن ضئيل جداً يلجأ إلى مفاغرة عصبية جراحياً حيث أكثر الأعصاب التي تستخدم للمفاغرة مع العصب الوجهي هو العصب القحفي 11 الشوكي اللاحق.
التقنيات المتقدمة لعلاج جميع مراحل اللقوة
- نقل العضلات حيث يتضمن هذا الإجراء نقل الأوتار و العضلات من أحد أجزاء الجسم و عادة ما يكون من الوجه أو الرقبة أو الساق إلى الوجه.
- تطعيم أو ترقيع الأعصاب حيث تتضمن هذه الإجراءات نقل الأعصاب من مختلف أجزاء الجسم إلى الوجه، مما يضمن قدراً أكبر من الحركة في الوجه و حتى الإحساس و بالتالي يتيح تحكماً أفضل في العضلات، و قد يتضمن هذا الإجراء نقل الأعصاب الماضغة و تطعيم الأعصاب في الوجه و التطعيم من تحت اللسان إلى الوجه و غير ذلك.
- ترميم الجفون والحواجب: كذلك عندما يتدلى الجفن بدرجة تعيق مجال الرؤية، فسيستطيع الجراحون إعادتها إلى مكانها حتى تستعيد وظيفتها وتستعيد مظهر العين، و في حال عدم القدرة على الرمش أو صعوبته فبإمكاننا إدخال سلسلة صغيرة من البلاتينيوم في الجفن؛ مما يتيح إغلاق العين وحمايتها، و يمكن أيضاً نقل الأعصاب لاستعادة الإحساس وحماية العين.
في النهاية يجب التنويه أن الإصابة باللقوة تترك أثر نفسي على المريض بالإضافة إلى أثرها الجسدي، ولذلك يُفضل طلب المساعدة من الدعم النفسي الإجتماعي للحصول على تحسن صحي ملحوظ خلال فترة زمنية قصيرة بالتشارك مع العلاج الطبيعي الذي له دور كبير في علاج هذه الإصابات.
لا تتردد في مراجعة الطبيب وطلب المشورة من مصدرها الصحيح فالمصادر كثيرة جداً ولكن الموثوق منها قليل ، وعليك التذكر دائماً أن علاج الأثر النفسي لا يقل أهمية عن علاج الإصابة جراحياً أو بالأدوية، ومن منصة سلامتك نتمى لكم حياة صحية سعيدة.
المصادر
Facial paralysis reconstruction_(hopkinsmedicine.org)
facial paralysis_(physiopedia.com)