الكثير منا في هذه الايام يتعرض لآلام في نقاط معينة من الجسم وتعب وإرهاق مستمر وصعوبة في التركيز وألم في العضلات، كلنا نتساءل ما السبب؟
قد تكون مصاباً بالفايبروميالجيا التي تعتبر حالة مزمنة تتسم بالألم المزمن والتعب الشديد والحساسية المفرطة في الجسم. حيث يعاني الأشخاص الذين يعانون من الفيبروميالجيا من آلام شديدة في العضلات والأربطة والأوتار، مما يؤثر بشكل كبير على جودة حياتهم اليومية.
تعتبر الفيبروميالجيا حالة غامضة ومعقدة، حيث لا توجد أسباب واضحة لظهورها ولا توجد علاجات محددة لها. ومع ذلك، يمكن للأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة أن يستفيدوا من تغييرات في نمط الحياة والعلاجات التقليدية مثل العلاج الطبيعي والتمارين الرياضية والتغذية السليمة.
في هذا المقال، سنستكشف أكثر حول الفيبروميالجيا وأعراضها وأسبابها المحتملة وأفضل الطرق لإدارتها وتخفيف الألم المصاحب لها. سنقدم نصائح وإرشادات عملية للأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة، وسنساعدهم على فهم كيفية التعامل مع الأعراض والحفاظ على جودة حياتهم وراحتهم النفسية والجسدية.
هيا بنا لنتعرف أكثر عن الفايبروميالجيا
فهرس المقال
تعريف:
الفايبروميالجيا مرض يتميز بألم مزمن وتصلب في العضلات والأوتار والمفاصل، يمكن اكتشافه دون حدوث التهاب حيث أن الفايبروميالجيا لا يسبب تلف في الجسم أو تشوه فيه، بل يتظاهر بحدوث تعب عند 90% من المرضى واضطرابات في النوم.
يمكن أن يرتبط الفايبروميالجيا مع الأمراض الروماتيزمية الأخرى ومتلازمة القولون العصبي (IBS)، ولكن لا يوجد اختبار طبي نهائي لتشخيصه فيمكن أن تحدث أعراضه وتختفي بمرور الوقت، و يتم التشخيص عن طريق القضاء على الأسباب المحتملة الأخرى للأعراض و قد يستغرق الأمر بعض الوقت لتحديد الأعراض.
إن الفايبروميالجيا أو ما تسمى ب FMS ليست مجرد حالة واحدة؛ إنها متلازمة معقدة تتضمن العديد من العوامل المختلفة التي يمكن أن تؤثر بشدة على الحياة اليومية للشخص وتعطلها.
تعتبر FMS مشكلة منهجية تتضمن تشوهات كيميائية بيولوجية و عصبية، مما يؤدي إلى اضطراب في معالجة الألم والإدراك (Allodynia أو فرط الألم). وقد تنشأ الأعراض المرتبطة بـ FMS من الأسباب الأولية أو الثانوية/التفاعلية. وبما أن الفايبروميالجيا يشمل ألماً مستمراً في مناطق مختلفة، دون أي دليل على تلف الأنسجة، يتم تصنيفه على أنه ألم في النسيج.
يعتبر العلاج الأكثر فعالية هو مزيج من التدريب والتمارين الرياضية والحد من الإجهاد والأدوية، وهذا ما سنشرحه في مقالنا هذا.
الفيزيولوجيا المرضية
تعتمد نظرية الإصابة بالفايبروميالجيا على حدوث خلل في الجهاز العصبي المركزي (CNS) وهو السبب في تزايد الألم، وتسبب هذه الاستجابة المتزايدة للمنبهات المحيطية فرط الألم، والألم يكون منتشر عبر أجزاء من العمود الفقري، مما يؤدي إلى ألم مزمن على نطاق واسع في الجهاز العضلي الهيكلي. حيث يسبب الفايبروميالجيا خلل التنظيم العصبي و المناعة و الغدد الصماء وأنظمة الأعضاء المعوية .
1. الجهاز العصبي اللاإرادي
الجهاز العصبي اللاإرادي (ANS) هو المسؤول عن تنظيم الاستجابات، ومع الفايبروميالجيا يعاني المرضى من استجابة متزايدة مما يؤدي إلى تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي بشكل مستمر مما يؤدي إلى:
- زيادة معدل ضربات القلب .
- إفرازات المعدة المفرطة والانقباضات .
- تقلص العضلات الملساء في جميع أنحاء الجهاز الهضمي .
- التنفس السريع والسطحي .
- تضيق الأوعية.
- سوء التغذية بسبب اضطرابات الامتصاص والهضم.
2. الجهاز المناعي
تتمثل الاستجابة المناعية للعدوى والالتهاب و/أو الصدمة بإطلاق السيتوكينات للشفاء، ويقوم الجهاز العصبي المركزي بإطلاق الخلايا الدبقية داخل الدماغ والحبل الشوكي للشفاء والاستجابة للألم.
أما مع الفايبروميالجيا يتم زيادة استجابة المناعة الذاتية هذه، مما يسبب فائض من الخلايا الدبقية في الجسم وهذا يخلق حالة من الألم المبالغ فيها (ألم مزمن).
بعد أن تعرفنا على فيزيولوجبا المرض هيا بنا لنتعرف على الأسباب المهمة للفايبروميالجيا
الأسباب
هناك العديد من الفرضيات حول كيفية لعب العوامل المتعددة دوراً في تطور الفايبروميالجيا ولا تزال المسببات الدقيقة قيد البحث، ومع ذلك هناك العديد من الأسباب المحتملة وعوامل الخطر ونذكر منها:
- النظام العذائي.
- المناخ والتأثيرات البيئية الموسمية.
- تجارب الطفولة السلبية (اضطراب ما بعد الصدمة).
- العوامل النفسية والمعرفية/السلوكية.
- الحالات الأخرى: التهاب المفاصل الروماتيدي والذئبة الحمامية الجهازية.
يبقى البحث الحالي غير حاسم فيما يتعلق بالسبب الوراثي للـفايبروميالجيا، حيث أن التاريخ العائلي يعد أيضاً من عوامل الخطر.
الآن يجب أن نتعرف عن أعراض الفايبروميالجيا وماهي الأمور التي تسبب تزايداً في ظهور هذه الأعراض
الأعراض السريرية
تتميز آلام العضلات بأنها من الأعراض الرئيسية لـلفايبروميالجيا، وغالباً ما يتم وصفها من قبل المرضى بأنها “مؤلمة أو حارقة” بغض النظر عن النشاط البدني، وقد يصبح الألم أقل كثافة بعد التعرض المتكرر للمنبهات أو النشاط البدني، و تشمل الأعراض الأخرى اضطرابات النوم والتعب والأعراض المعرفية والجسدية الأخرى.
غالباً ما تتفاقم الأعراض من خلال:
- التعرض للضغط.
- النشاط البدني الزائد.
- الطقس الرطب أو البارد.
- التعرض للحرارة أو الرطوبة.
- الصدمة.
من المؤكد أنك تتساءل هل يرتبط ظهور الفايبروميالجيا مع وجود أمراض أخرى؟ هيا بنا لنتعرف أكثر
الفايبروميالجيا وارتباطها ببعض الأمراض
من المحتمل أن يشترك المصابون بالفايبروميالجيا بالعديد من الأمراض، و من المهم ألا يتم تجاهل تشخيص الفايبروميالجيا نظراً لوجود أمراض مشتركة إضافية والتي يتم تشخيصها لأنها الأكثر شيوعاً.
الأمراض المرتبطة بـالفايبروميالجيا
- اضطرابات النوم / توقف التنفس.
- الاكتئاب.
- القلق.
- اضطراب ما بعد الصدمة.
- التهاب المفاصل الروماتيدي.
- الذئبة الحمامية الجهازية.
لنتعرف الآن على المعايير التي يتم تشخيص الفايبروميالجيا من خلالها
المعايير التشخيصية
لا يوجد اختبار تشخيصي نهائي متاح حالياً لتحديد وجود الفايبروميالجيا، حيث يتم تشخيصه بناءً على نتائج الفحص البدني واستبعاد الحالات الأخرى المماثلة. كما أنه لا يوجد اختبار خاص أو اختبار شعاعي ضروري لإجراء التشخيص؛ ومع ذلك يمكن إجراء بعض الاختبارات العملية الموصى بها من أجل استبعاد الأمراض الأخرى. وتشمل هذه الاختبارات:
- CBC.
- ESR .
- الكيمياء الأساسية (نيتروجين اليوريا في الدم ، الكرياتين ، الإنزيمات الكبدية ، الكالسيوم في الدم) .
- مستويات الغدة الدرقية (TSH ، T3 ، و T4) .
- عامل الروماتويد.
كما أنه يتم تشخيص الفايبروميالجيا عند البالغين عندما يتم استيفاء جميع المعايير التالية:
- مؤشر الألم عالي (WPI) ≥7، ومقياس شدة الأعراض (SSS) ≥5 أو (WPI = 4 – 6) و (SSS ≥ 9).
- الألم المعمم، انتشار الألم في 4 من 5 مناطق على الأقل .
- وجود الأعراض بنفس المستوى لمدة 3 أشهر على الأقل.
يتم تشخيص الفايبروميالجيا بغض النظر عن التشخيصات الأخرى و لا يستبعد وجود أمراض أخرى مهمة سريرياً.
الآن بعد أن تعرفنا عن هذا المرض سننتقل إلى علاج الفايبروميالجيا
العلاج:
دوائي
تعد الأساليب العلاجية المرتبطة بالعلاج الطبيعي لها أولوية في العلاج، ولكن يمكن أن تساعد الأدوية في السيطرة على الأعراض و هناك أدلة تدعم استخدام الأدوية التالية:
- أميتريبتيلين Amitriptyline.
- دولوكستين Duloxetine.
- ميلناسيبران Milnacipran.
- بريغابالين Pregabalin.
مع الانتباه أن هذه الأدوية لا تعطى بدون وصفة طبية، على المريض استشارة الطبيب المعالج لتقييم الحالة ووصف العلاج المناسب لحالته.
العلاج الطبيعي وممارسة الرياضة
معرفتك بالمرض وما الذي يحدث في جسمك عند الإصابة بالفايبروميالجيا تعتبر الطريقة الأكثر فعالية في الحد من أعراض الألم الذي تعاني منه عند إصابتك، وفقاً للبحث الحالي فإن شرح الأعراض المبسط واتباع تقنيات الاسترخاء يمكن أن تعزز من قدرتك في التعامل مع حالتك. إذاً العلاج يبدأ من:
- الشرح المبسط لهذا المرض.
- تخفيف الألم والأعراض.
- تنظيم النشاط اليومي مثل: السرعة والمراقبة الذاتية وفواصل الراحة لتجنب تفاقم الأعراض، ووضع أهداف واقعية للنشاط اليومي.
- تقنيات الاسترخاء: تقليل الضغط النفسي و اتباع تقنيات التنفس العميق و الالتزام بنمط حياة صحي ونشيط، والمحافظة على عدد ساعات كافية من النوم.
- ممارسة التمارين الرياضية .
إليك هذا الفيديو يوضح بعض التمارين المهمة للفايبروميالجيا
https://youtu.be/eOK_I-5cMHQ?si=70g2iPRnCYaNLbkJ
وفقاً لإرشادات الممارسة السريرية القائمة على الأدلة في أوتاوا (2008)، ينصح بشدة باالالتزام بالتمارين الرياضية الخفيفة والتدريب على (القوة/المقاومة) لمساعدتك في التقليل من الألم المزمن . ولقد تبين أن النشاط الهوائي يحسن من الأعراض النفسية المرتبطة بالاكتئاب واضطرابات النوم، وذلك بسبب زيادة نشاط الجسم مما يقلل الأعراض المرتبطة بالفايبروميالجيا.
كما يعمل التمرين أيضاً على تحسين عملية التمثيل الغذائي و زيادة كفاءة الجهاز التنفسي ويزيد من كتلة العضلات الضعيفة، ويزيد من امتصاص الأكسجين داخل خلايا الجسم ، مما يقلل في النهاية من شكاوى الألم المزمن والتعب.
ليكن هذا الفيديو يوضح لنا بعض تمارين المقاومة المهمة للفايبروميالجيا
https://youtu.be/XlyUQK-RplI?si=LX_lQIujDyUzl2bM
من المؤكد أنه بعد التطور الذي نمر فيه في عصرنا هذا قد مر أمامك مصطلح العلاج اليدوي، هيا بنا نتعرف على هذا النوع من العلاج ومدى فعاليته في علاج الفايبروميالجيا.
العلاج اليدوي
تدعم بعض الدراسات العديد من تقنيات تزليق المفاصل الذي يعمل على الحد من الألم كعلاج إسعافي للألم الذي يعاني منه مريض الفايبروميالجيا، و قد يستفيد المرضى الذين يعانون من آلام الظهر المزمنة بسبب الفايبروميالجيا من تقنيات تزليق العمود الفقري و تشير الأدلة إلى أن استخدام معالجة الأنسجة الرخوة (STM) مفيد لتخفيف الألم.
كما تمت دراسة العلاج من خلال التصريف اللمفاوي اليدوي وتدليك الأنسجة الضامة لدى النساء المصابات بالفايبروميالجيا حيث استخدم الباحثون استبيان Fibromyalgia Impact (FIQ) وملف نوتنغهام الصحي لقياس تأثير العلاج حيث تشير أبحاثهم إلى أن كلاً من العلاج بالتصريف الليمفاوي اليدوي وتحرير الأنسجة الرخوة يظهر تحسناً واضحاً.
العلاج المائي
أثبتت الأبحاث الحديثة أن العلاج المائي من خلال التمرين تحت الماء يعتبر أكثر فائدة للأشخاص الذين يعانون من آلام الفايبروميالجيا، حيث يتيح طفو الماء للمريض الحفاظ على حركة نشطة دون صرف طاقة مفرطة أو زيادة الضغط على مفاصله. كما يمكنه تخفيف الأعراض الكامنة مثل فرط الحساسية للألم، وذلك بسبب الضغط الهيدروستاتيكي وتأثيرات درجة الحرارة المهدئة على النهايات العصبية وإلى جانب استرخاء العضلات العامة.
يبدي المرضى الذين يعانون من أعراض معتدلة تحسناً مع هذا العلاج، فقد تبين أن حمامات الطين الحرارية (وغيرها من طرق العلاج) تزيد من مستويات البلازما ، مما يفسر آثارها المسكنة والمضادة للتشنج.
أنواع أخرى من العلاج
الوقاية
يركز هذا العلاج على تعديل النشاط ، مثل:
- العمل بوتيرة معتدلة.
- التغيرات الموضعية/الوضعية المتكررة.
- الراحة قبل التعب.
يتم تشجيع المرضى على دمج هذه المبادئ التنظيمية في جميع مجالات الحياة بما في ذلك الرعاية الذاتية والعمل والترفيه. و يتم تقييم وتعديل ميكانيكا الجسم والوضعيات المتعلقة بأنشطة المنزل وأنشطة العمل وتعديلها لكل فرد.
العلاج السلوكي
غالباً هناك علاقة بين الألم و النشاط البدني حيث هناك أدلة تدعم النظر في العلاج السلوكي المعرفي (CBT) التي يتم تنفيذها في تقييم المريض ووضع خطة رعاية للمرضى الذين يعانون من الألم المزمن. حيث أثبتت الدراسات أن العلاج المعرفي السلوكي يظهر تحسناً في الألم ، ويقلل من فرط الألم ، والاستجابة المزمنة المتعلقة بالألم في الفايبروميالجيا.
كما أن علاج الأرق للمرضى الذين يعانون من الفايبروميالجيا قد يكون له تأثير كبير حيث أنه يجب تعليم المريض على عادات النوم وجداول النوم المناسبة لتقليل نوبات الأرق التي يعاني منها. كما أن المرضى الذين تلقوا العلاج السلوكي لاحظوا تحسن في المدة التي ينامون فيها وفي حالتهم العامة مقارنة بما كانوا عليه من قبل.
الوعي العاطفي
إن التركيز على الوعي العاطفي والتعبير عن المشاعر يكون أكثر فعالية من العلاج السلوكي في تقليل الألم لمدة تصل إلى 6 أشهر.
في الختام، يجب أن ندرك أن الفيبروميالجيا قد تكون حالة صعبة ومرهقة للعديد من الأشخاص، ولكن من الممكن التعايش معها وإدارتها بشكل فعال، من خلال تبني نمط حياة صحي والحصول على الدعم النفسي والاجتماعي والالتزام بالعلاجات الطبيعية والتقليدية يمكننا تخفيف الألم وتحسين جودة حياتنا.
علينا أيضاً أن نعمل على زيادة الوعي والفهم حول هذه الحالة، وتقديم الدعم والتضامن للأشخاص الذين يعانون منها. إن الفهم والدعم الاجتماعي يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في تحسين حياة الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة.
لذا، دعونا نعمل معاً على نشر الوعي وتقديم الدعم للأشخاص الذين يعانون من الفيبروميالجيا، ونساعدهم في التغلب على التحديات التي تواجههم والعيش بشكل صحي وسعيد رغم الصعوبات.
من فريق عمل سلامتك نتمنى السلامة للجميع بعيداً عن هذه الآلام المزمنة .
الأسئلة الشائعة:
1- هل الفايبروميالجيا من أمراض المناعة ؟
لا، هو مرض مرافق لبعض أمراض المناعة.
2- هل يمكن الشفاء من الفايبروميالجيا؟
لا يوجد علاج شافٍ للفايبروميالجيا حتى الآن، ولكن هنالك علاجات تلطيفية ذكرناها سابقاً في مقالنا.
3- هل الفايبروميالجيا تؤثر على الدورة الشهرية؟
نعم، الفايبروميالجيا تسبب آلام شديدة أثناء الدورة الشهرية.
5- هل تفيد الحجامة في علاج الفايبروميالجيا؟
نعم، يمكن للحجامة أن تفيد في تخفيف الأعراض والحد من تفاقمها.
المصادر:
Fibromyalgia – Physiopedia (physio-pedia.com)