في البداية يتراود إلى اذهاننا عندما نذكر الإصابات الناجمة عن الزلازل المرضى الذين أصيبوا بجروح تحت الأنقاض… ولكن هناك المزيد من المرضى الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، وذلك بعد الصدمة التي مروا بها خلال الزلزال وما رأوه.
إن مدى الصدمة التي عانى منها الناجون هائل وقد تم انتشال البعض من تحت الأنقاض بعد ساعات في البرد والظلام ليكتشفوا أن أفراد أسرهم قد ماتوا أو فقدوا ، وتحولت الأحياء المزدحمة التي عاشوا فيها إلى أكوام من الأحجار المحطمة.
أي أنه لدينا مجموعة من الإصابات الجسدية والنفسية التي يعاني منها الناجون من الزلازل منها:
- اضطراب مابعد الصدمة
- دوار ما بعد الزلزال
- متلازمة الهرس
- الكسور والرضوض
فهرس المقال
من الإصابات الناجمة عن الزلازل اضطراب ما بعد الصدمة:
اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو متلازمة ناتجة عن التعرض لإصابة خطيرة حقيقية أو مهددة للحياة وهو من الإصابات الناجمة عن الزلازل حيث يبدو أن علامات وأعراض اضطراب ما بعد الصدمة تنشأ من تفاعلات معقدة من العوامل النفسية والبيولوجية
التدبير الإسعافي
في حالة الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة يجب الاستعانة فوراً بإحدى المراكز المتخصصة في العلاج النفسي والتي تستطيع أن تقدم مجموعة من العلاجات المخصصة لهذا النوع من الاضطرابات، حيث تنقسم تقنيات علاج اضطراب ما بعد الصدمة إلى:
العلاج السلوكي المعرفي:
يتلخص في تشجيع المريض على تذكر الحدث الصادم الذي واجهه أو تعرض له وكذلك التعبير عن كل مشاعره تجاهه.
العلاج النفسي:
يعد العلاج النفسي أحد أهم مراحل علاج اضطراب ما بعد الصدمة، لأنه يساعد المريض في اجتياز أعراض الصدمة وعلاج القلق، كما يساعد في مواجهة الشخص مخاوفه.
مجموعات الدعم:
حيث يستطيع المريض مناقشة مشاعره مع أشخاص آخرين يعانون من نفس نوع الاضطراب وإن كان لأسباب ومواقف مختلفة.
طرق تقديم الدعم النفسي للناجين:
- التواصل الفعّال من خلال خلق تواصل بصري في نفس مستوى الناجي، وطرح أسئلة تساعده على فهم ذاته ومشاعره دون إطلاق أحكام عليه.
- تجنب أي سؤال يذكره بالزلزال مثل سرد ما حدث معه أثناء الزلزال.
- تقديم التعاطف للناجي بوعي و بعبارات مساندة دون اللجوء لأي عبارات شفقة أو لوم أو أي نوع من أنواع تحميل المسؤولية عليه.
- عدم إنكار أي شعور من مشاعره وعدم القول لأنه بأن ما يشعر به خاطئ ولا وجود له.
- تعليم الناجي بعض المهارات للتخلص من المشاعر السلبية مثل بعض رياضات الاسترخاء والتنفس وغسل الوجه بالمياه.
- دعم الناجي على توجيه مشاعره السلبية نحو القيام بشيء فعال مثل مساعدة الآخرين أو القيام بشيء تجاه نفسه.
- إبعاد الناجي عن أي مصدر للقلق والأخبار السيئة.
- تشجيع الناجي على التواصل مع شخص يحبه قادر على شحنه بمشاعر إيجابية.
- في حال عدم التحسن، يمكن التواصل مع مختص رعاية نفسية.
العلاجات الدوائية:
يستطيع الأطباء المتخصصون وصف الأدوية الأنسب بحسب طبيعة كل حالة، ومنها مضادات الاكتئاب، والأدوية المضادة للقلق وكذلك الأدوية التي تساعد على الاسترخاء والنوم.
من الواضح أن العلاج النفسي أكثر فعالية من الدواء حيث قد تكون بعض الأدوية مفيدة في زيادة فعالية العلاج.
قد يساعد لعب لعبة تتطلب تركيزاً بصرياً مثل Tetris بعد فترة وجيزة من الحدث الصادم على التدخل في توحيد الذاكرة وقد يقلل من خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة.
الإسعافات الأولية النفسية:
تعد الإسعافات الأولية النفسية (PFA) مهمة جداً بعد حدث صادم مباشرة ويتضمن PFA التثقيف النفسي بأن الأعراض الأولية للمريض هي رد فعل طبيعي لحدث غير طبيعي ولا تعني أن الشخص ضعيف أو “يصاب بالجنون” ، وأن الأعراض ستهدأ مع مرور الوقت.
تشمل الإسعافات الأولية أيضاً توفير الاحتياجات الأساسية للفرد (المأوى والغذاء والعلاقات الداعمة) والطمأنينة بأن الدعم سيستمرومن المهم تجنب الإدلاء بتعليقات إبطال مثل: “إنها ليست مشكلة كبيرة” أو “لماذا أنت مستاء جدا؟”
دوار ما بعد الزلزال
تعد الزلازل واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان خلال حياته، فعدا عن أنها تدمر المُدن وتتسبب بوفاة البشر، فإنها أيضاً تصبح بمثابة شبح يلاحق الناجين منها، من خلال ما يدعى “متلازمة دوار ما بعد الزلزال (PEDS)” حيث تعتبر هذه الإصابة من أصعب الإصابات الناجمة عن الزلازل.
ما هي متلازمة دوار ما بعد الزلزال:
– وجدت الدراسة أنّ التأثيرات المرتبطة بالإصابات الناجمة عن الزلازل تؤثر بشكل كبير على أعراض الأذن الداخلية والوظيفة اللاإرادية والعوامل النفسية، وقد يتأثر عدم التوازن الناجم عن الزلازل بالضغوط الجسدية، بما في ذلك الاضطرابات الحسية الناجمة عن اهتزازات الزلزال، والتغيرات في الظروف المعيشية، والإجهاد اللاإرادي.
– إنّ الدماغ البشري يُعالج المعلومات القادمة من الجلد والعضلات والعينين والأذنين من أجل الحفاظ على الشعور بالتوازن.
– عندما يحدث الرعاش القوي في الجسم الذي تتسبب به الزلازل، يتعارض مع الأداء الطبيعي، ويسبب خللاً قد يكون له تأثير طويل بعد انتهاء الزلزال”.
– في بعض الحالات قد يسبب التوتر والقلق من خلال تذكر الزلزال، مما يؤدي بالناجين إلى الاعتقاد خطأ أنهم يتعرضون لزلزال لكنهم في الحقيقة في مكان لا يحدث فيه أي هزة، هذه هي متلازمة الدوار بعد الزلزال PEDS والتي تحدث عندما يكون هناك “عدم تطابق” عصبي بين آلية التوازن في الجهاز الدهليزي للأذن الداخلية و الإشارات الحسية من الأعصاب في العينين والقدمين”.
– في كثير من هذه الحالات، تحدث الدوخة عندما يكونوا الأشخاص في الداخل أو جالسين أو في حالة الراحة.
و إنّ احتمالية حدوث الدوخة تقل إذا كانوا بالخارج في العراء وليس في مكان مغلق بالداخل ، كما أن ممارسة الرياضة (في الهواء الطلق) ستساعد في تخفيف القلق المرتبط بذاكرة الرعاش في الدماغ.
التدبير الإسعافي:
- تدريب عين الشخص من خلال جعلها تركز على شيء بعيد
- وضع أو احتساء السوائل الباردة أو الساخنة
- وفي الحالات الأكثر خطورة، قد يُنصح المرضى باستخدام مضادات الهيستامين التي لا تستلزم وصفة طبية، والتي تُعرف أيضاً باسم حبوب دوار الحركة
- وقد تحدث الحالات الأكثر خطورة عن طريق أحد أشكال اضطراب ما بعد الصدمة بعد زلزال كبير وقد تستمر لأسابيع أو شهور.
- ولمواجهة ذلك، يمكن وصف شكل من الأدوية المضادة للقلق أو مضادات الاكتئاب للمرضى، وذلك باستشارة الطبيب.
- يجب أن يلتمسوا المشورة الطبية الفورية الأشخاص الذين يعانون من أعراض مثل السقوط بسبب الدوار والحمى والقيء.
- يمكن لأخصائي العلاج الفيزيائي أن يقدم المساعدة للمصابين بهذا الدوار عن طريق مناورات خاصة تحسن من وضع الأذن الداخلية وتقديم بعض التمارين التي تساعد على تقوية الجهاز الدهليزي في الأذن
- الجمع بين التمارين الهوائية مع التنفس الصحيح يؤدى إلى تحسن أكبر في الإدراك والاكتئاب والمزاج.
خطوات تمارين التنفس العميق:
- الجلوس على كرسي بوضعية مريحة مع تثبيت القدمين على الأرض أو الوقوف.
- وضع اليدين على البطن مع إغماض العينين.
- تنفس الهواء ببطء مع العد للخمسة.
- تجنب رفع الكتفين أثناء أخذ الشهيق.
- عند الشعور ان الرئتين قد امتلأت بالهواء احبس الهواء داخل الرئتين مع العد للخمسة.
- أخرج الهواء عبر الفم ببطء مع العد للخمسة.
- كرر التمرين مرتين بعدها.
إذا شعرت بالتحسن هنا يمكنك العودة للتنفس العادي أما إذا مازلت تشعر بالقلق والخوف كرر هذه التمارين.
من الإصابات الناجمة عن الزلازل متلازمة الهرس
هي رض بواسطة شيء يتسبب بانضغاط الجسم حيث هذا النوع من الإصابات شائع بعد كارثة طبيعية أو بعد رض من اعتداء متعمد وهي من أهم الإصابات الناجمة عن الزلازل.
– أي هي تلف يلحق بالجسم نتيجة هرسه بواسطة جسم ما و هي نتيجة طبيعية لإصابة العضلات الهيكلية وانهيارها والإفراج اللاحق عن محتويات الخلية حيث تعتمد شدة الإصابة على مدة وحجم الإصابة بالإضافة إلى الجزء الأكبر من العضلات المصابة و يمكن أن ينتج عن إصابات قصيرة المدة وعالية الحجم (مثل سحقها من قبل مبنى) أو من إصابات منخفضة الحجم وطويلة الأمد مثل الغيبوبة أو عدم الحركة الناجم عن المخدرات.
– عادة ما يموت الضحايا الذين يعانون من إصابات خطيرة في الصدر والبطن قبل الحصول على المساعدة و قد لا تظهر إصابات الأطراف الخطيرة على الفور ، على الرغم من ظهور الأعراض الكامنة بشكل متكرر.
– عندما يصبح الجلد والعظام مضغوطاً بشكل كاف ، قد تتسرب الدهون السائلة من الخلايا الدهنية ونخاع العظام و تتجمع قطرات الدهون بشكل كريات ، وتشكل انسدادات تسد الشعيرات الدموية والأوعية الدموية المؤدية إلى الرئتين والدماغ والجلد والكلى
يمكن أن يساعد مزيج من التمارين الهوائية التدريجية وممارسة التنفس في تخفيف أعراض ما بعد الارتجاج المستمرة .
التدبير الإسعافي
قلل إعطاء السوائل بشكل مبكر من خطر الفشل الكلوي ، ويقلل من شدة فرط بوتاسيوم الدم وقد يحسن من نتائج الإصابة.
- قد تتطلب إصابات الهرس الشديدة ، خاصة تلك التي تشمل الرأس أو الرقبة أو الظهر ، تثبيتاً فورياً لمنع إصابة العمود الفقري أو الحد منها وقد تتطلب علاجاً للصدمة.
- عادة ما يتضمن علاج الإصابات الطفيفة وقف النزيف وتنظيف المنطقة المصابة ووضع الثلج والضغط للحد من التورم.
- يمكن إدارة الألم من خلال مسكنات الألم الموصوفة طبياً.
من الإصابات الناجمة عن الزلازل الكسور والرضوض
كسور العظام هي مشكلة صحية حادة شائعة و يمكن أن تؤدي الاسعافات الأولية الغير سليمة للكسور إلى عجز كبير على المدى الطويل ، وربما إلى الوفيات كما تعد الكسور مشكلة شائعة في الكوارث الطبيعية خاصة في الإصابات الناجمة عن الزلازل.
التدبير الإسعافي للكسور:
إذا كان الكسر مفتوحاً
- قم بتغطية الجرح بضمادة معقمة أو قطعة قماش نظيفة .
- قم بالضغط حول الجرح وليس على العظم البارز للسيطرة على أي نزيف.
- ثم ثبت الضمادة.
- اطلب من المصاب أن يبقى ساكناً أثناء دعمك للجزء المصاب لمنعه من الحركة.
- افعل ذلك عن طريق إمساك المفصل أعلى وأسفل المنطقة المصابة.
- ضع حشوة حول الإصابة لمزيد من الدعم.
- بمجرد القيام بذلك ، اتصل بالإسعاف للحصول على مساعدة الطوارئ.
إذا كان الكسر مغلق:
- لا تحرك المصاب حتى يتم تأمين الجزء المصاب ما لم يكن في خطر داهم.
- يمكنك تأمين كسر في الطرف العلوي بحمالة وكسر في الطرف السفلي بضمادات ذات طيات عريضة.
- لا ترفع الساقين إذا اشتبه في تعرضهما لكسر أو إصابة في الحوض أو الورك.
- راقب العلامات الحيوية ومنطقة الكسر حتى وصول المساعدة.
التدبير الإسعافي للرضوض:
تشمل نظام RICER ويعني:
الراحة ، الجليد ، الضغط ، الرفع ، الإحالة
تستخدم الإسعافات الأولية RICER لمدة تصل إلى 72 ساعة بعد التواء أو إجهاد أو كسرو يمكن أن يحد من التورم ويسرع الشفاء.
عندما تحدث إصابة ، يمكن أن يكون هناك كدمات وتورم في المنطقة المصابة و الكثير من التورم يمكن أن يسبب المزيد من الضرر.
يمكن أن تحدث الالتواءات والإجهاد والكسور بسهولة بعد الحوادث أو السقوط ، أو أثناء الرياضة أو الأنشطة البدنية الأخرى.
R – الراحة
بعد الإصابة ، توقف عن تحريك الطرف المصاب حيث أن الحركة يمكن أن تزيد من النزيف والتورم.
I – الثلج
استخدم كيس ثلج ملفوف بقطعة قماش خفيفة لتقليل الألم والتورم حول الإصابة.
ضع الثلج لمدة 15-20 دقيقة كل 2-4 ساعات لمدة تصل إلى 72 ساعة بعد الإصابة.
ج – ضمادة الضغط
وضع ضماد للمنطقة المصابة بإحكام (ولكن ليس بإحكام شديد) وذلك حول الإصابة وفوقها وتحتها و إذا كنت تعتقد أنه كسر ، فتأكد من أن المصاب لا يستطيع تحريك الطرف.
ه – الرفع
حافظ على المنطقة المصابة مرتفعة و على الساقين فوق الوركين عن طريق وضع الساق على كرسي أو وسادة .
استخدم حامل ذراع لإصابات الذراع.
R – الإحالة
إذا كانت الإصابة شديدة ، فاتصل بالإسعاف إذا لم يكن الأمر كذلك ، فقم بفحص الإصابة من قبل طبيبك العام.
قد يطلب الطبيب الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي لتشخيص الإصابة والتخطيط للعلاج.
في أول 48-72 ساعة بعد الإصابة ، لا يستخدم علاج مثل الحرارة أو التدليك الساخن. و تجنب أيضاً النشاط المعتدل أو المكثف والتدليك
إن طريقة الإسعاف أثناء حدوث الإصابات الناجمة عن الزلازل تلعب دوراً مهماً بالحصول على الشفاء التام من الإصابة وإستعادة وظيفة الطرف المصاب أو الحالة النفسية للمصاب بأسرع وقت ممكن وبدون مضاعفات تعيق المصاب من أداء عمله وحياته اليومية بشكل طبيعي سواء كانت الإصابة نفسية أو جسدية.
المراجع:
تزايد عدد الناجين من زلزال تركيا وسوريا تظهر عليهم علامات اضطراب ما بعد الصدمة (medscape.com)
اضطراب ما بعد الصدمة: أساسيات الممارسة ، الخلفية ، المسببات (medscape.com)
تمارين التنفس الهوائية مرتبطة بالتعافي من الارتجاج بشكل أسرع (medscape.com)
wikipedia/رضة – ويكيبيديا (wikipedia.org)
medscape /المبادئ العامة لرعاية الكسور: أساسيات الممارسة ، الفيزيولوجيا المرضية ، المسببات (medscape.com)